موريتانيا أو أين يصبح الاغتصاب زواجاً

لطالما كانت فكرة الزواج مخيفة بالنسبة لي، ليست المسؤولية هي المخيفة، بل الزواج. وكنت دائماً أفكر كيف يقبل إنسان ما أن يتقيد بشخص إلى الأبد؟ والأكثر، أنني اليوم أتساءل كيف لنا أن نصمت ونحن نسمع صدى صوت إحداهن يرتجف بسبب اغتصابها بإسم الزواج؟.

الصور المرفوقة بهذه الأحرف مجزرة دموية، جريمة في حق فتاة ، حدثت في إحدى زوايا موريتانيا. موريتانيا التي لطخت حياة بناتها ورمتهن من ظفائرهن خارج أسطر الحقيقة. حقيقة مبتورة وقعتها أيادي المغتصبين بإسم الزواج والدين.

ac2c0c77-0f56-4a38-8cf9-cd3071b5a509

صور جسدت اغتصاب المرأة، بإسم ليلة الدخلة، ليلة ظلماء تنتهي بإشراقة شمس الصباح المذلول، احتفاءً بكل عنفوان بهذا الاغتصاب العلني، كأنها ملحمة، ينشد فيها “فاغو” لإعلان فحولة المغتصب.

ألم أقل لكم يومها أن موريتانيا ليست وطناً آسراً؟ وطن تغيب فيه إشراقة شمس الحياة، وتلجم فيه أصوات الحق، وطن تحشرج صوت النساء داخله، وتحشرجت نباته المرمد وأزهاره شوكاً. إنه وطن ولد في قبل أن أولد فيه، نيطت علي تمائمه قبل أن أتيه، ولم أعثر على ذرة وطني الحلم، في محاولة مني لنفخ روح مثالية داخله.

صوت النساء هناك، تابوت يحمل قسراً إلى مقصلة الموت، ويوزع على ضوء الآمال المكسورة، ثم يلجم إن حلمن مجازاً بمدينة لا تنهشها ذئاب الصحراء، ولا تغتصبن فيها، مدينة هادرة كشلال، ممعنة في الدهشة كما في الحيرة والصمت، مدينة ترتفع فيها أصوات الحقوق، لا ترانيم الجنازات، مدينة بنساء بترن ذراعهن كي لا يشرن إلى العدم، وقطعن أيديهن تصبراً، كي لا يتمسكن بهذا الخيط القميء الذي يرتق الإنسان على سطح صفيحٍ مائل، قد ينهار فجأة قزديره سيء التصنيع.

اللغة أشبه برقائق شديدة الرقة، ما إن تتعرض كلمات معينة فيها للدعك تفقد بريقها وتتحول لمفردات مرهقة ومنتهية الصلاحية. كالاغتصاب، الكلمة التي أسرفوا في حشوها بالبرودة حتى صارت رمزية لكل ما هو مستهلك ومكرر وفاقد القيمة.

أتمنى أن يموت خطيب الجمعة الذي يدعو الفتيات للخضوع والتستر، وتموت كل السيدات الغبيات اللواتي ينصحننا بالحشمة. فلن يرضوا عنك يا صديقتي ولو فرشت لهم الأرض بالورود، سيجدون دائمًا منفذًا للطعن فيك، حتى وأنتِ تقفين في أكثر المواقف شرفًا ونبلًا.


السالكة الغزاري

1 comments

أضف تعليق