‏‎انتِ مظهرك: هذا ما يقوله المجتمع للفتيات لا عجب أنهن مكتئبات

يعتقد الأطفال في عمر السابعة أنه يتم تقديرهن بناءً على مظهرهن أكثر من شخصياتهن. لقد حان الوقت لكسر هذه الصورة النمطية.

أظهرت دراسة نُشرت من قبل المؤسسة الخيرية “جيرل جايدينج” هذا الأسبوع، أن نصف الفتيات يشعرن بالاختناق من الصورة النمطية الجندرية، وأطفال في عمر السابعة يعتقدون أنه يتم تقديرهم بناءً على مظهرهم أكثر من انجازاتهم أو شخصياتهم. وليس من قبيل المصادفة، كما أعتقد، أن تنشر في نفس الأسبوع دراسة أخرى تقول أن ربع الفتيات تظهر عليهن أعراض الاكتئاب بعمر الرابعة عشر.‏‎

يعرف أطباء الأعصاب الآن أنه لايوجد اختلافٌ قابلٌ للتمييز بين أدمغة الذكور والاناث عند الولادة.
‏‎إلا أنه عند وصول الإنسان لسن البلوغ نبدأ في ملاحظة نوع من الإختلاف والتباعد، مما أدى إلى ميل علماء النفس التقليديين للإعتقاد بأن هنالك اختلافا كبيراً بين الرجال والنساء، والإفتراض أن هذا يعود لاختلافهم.ن بيولوجياً.
‏‎ما أنتج اعتقاداً مجتمعياً لا يُختلف عليه ولايعاد النظر فيه، بأن الفتيات فطرياً ينجذبن إلى العرائس، والأشياء الوردية، والطبخ، ويتجنبن الأنشطة التي تصنف بأنها خاصة بالرجال مثل الرياضة والعلوم.‏‎

ما فشل هذا الافتراض بأخذه في الحسبان هو ظاهرة “المرونة العصبية”، ودمجها مع التحيز الجندري. لأن تطور الدماغ يرتبط بما نفعله، وبالتالي إذا، وبدون وعي، يوجه الكبار الأطفال تجاه أنشطة معينة بناءً على نوعهم.ن الإجتماعي، ويؤثرون على كيفية نمو دماغهم.ن على مستوى وظائفي، وهكذا يصبح التحيز الجندري نبوءة تتحقق ذاتياً.‏

‎أنا لا أقول أنه، لو كانت الأمور متساوية في جميع مناحي الحياة، فلن تكون هنالك فرصة لأن يظهر تباين طبيعي في الهوايات والأنشطة التي ينجذب إليها الناس بغض النظر عن نوعهم.ن الاجتماعي. لكن الأمور غير متساوية، لذا لا نستطيع أن نعرف بشكل قاطع أي طريق سيسلك الأفراد. علاوة على ذلك، فإن الصور النمطية القسرية لها تأثير سلبي على الصحة العقلية للفتيات، حيث يتم اقناعهن بأنه من الواجب عليهن أن يطابقن النموذج الأكثر قبولًا من “الكمال” الجسدي الذي يتطلب مجهوداً نفسياً وجسدياً غير مريح، ومن ثم اقناعهن بأن الفتاة يجب أن تكون “مقبولة” – ووديعة واجتماعية- وأن تكون مثيرة لكن ليست “عاهرة”، أن تمتع بلياقة رياضية لكن في إطار ضيق وأنثوي (هناك تصنيف للمظهر الرياضي حسب الأنوثة والرجولة). هذا، جنباً إلى جنب مع الضغط الأكاديمي الذي يمر به جميع الشباب، وهو ما يسبب بشكل مفهوم مستويات عالية من القلق، والذي يؤدي استمراره مع مرور الوقت، إلى الشعور بالكآبة.

وهذا يُشاهد بقوة عندما نلاحظ الفرق بين المدارس المختلطة والمدارس غير المختلطة. وكشخص يزور أكثر من 150 مدرسة على مستوى المملكة المتحدة سنوياً، لاحظت أن الفتيات في المدراس غير المختلطة يملن إلى أن يكن واثقات، وأكثر قدرة على مشاركة آرائهن وأكثر احتمالاً أن يطورن اهتماماتهن تجاه مواد العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة والرياضيات. أعتقد أن هذا يعود إلى حقيقة أنه في المدارس غير المختلطة لا يوجد هناك مواد دراسية تخص “الفتيات فقط” أو “الفتيان فقط”. وهذا يعطينا نظرة قريبة إلى ما يمكن أن يكون عليه المجتمع لو عادلنا الكفتين.‏‎

وكما قالت جين كيلبورن، الخبيرة العالمية عن العلاقة بين الروايات الأعلامية والتمييز الجندري، “الخطوة الأولى هو أن نكون واعيات وواعين”. أنا أسعى لعدم استخدام كلمات جندرية مثل “فتيات”، و”فتيان” أو” سيدات” عندما أعطي حصصاً في المدارس، ليس فقط لأنها تفشل في الإعتراف بتواجد أشخاصٍ عابرين وعابرات، لكن أيضا لأنني لا أعتقد أنه من المفيد تذكير الناس بنوعهم.ن بإستمرار (وكل التوقعات الإجتماعية المرتبطة به).‏‎

أنا أيضاً أتحدى الآباء والمعلمين لقضاء أسبوع يشاركون فيه في تحدي “تبادل الاطراءات”. وهذا يتضمن استبدال المدح الذي يركز على المظهر بمدح يتعلق بالشخصية. مثلاً، بدلا من التعليق على حذاء شخص ما أو شعره/شعرها، ينتقل التركيز إلى التعليق على المهارات، والتصرفات الشجاعة أو الطيبة. حتى أكثر الأشخاص وعياً يتفاجؤون غالباً عندما يبدأون بملاحظة كيف يقومون وبدون وعي بتعزيز فكرة أن قيمة المرأة مرتبطة بجسدها ومظهرها وهذا شيء يظهر بشكل مستمر على وسائل التواصل الاجتماعي.‏‎

يحتاج صناع القرارات التعليمية أيضاً إلى الإقرار بهذا، فبدلاً من تمضية كل دقيقة في ترديد الأساليب، التركيز على الامتحانات، التعلم المتمحور على الحقائق، يحتاج الأطفال للوقت والمساحة لتطوير مهارات التفكير النقدي. يستطيع المعلمون والمعلمات إعطاء الصغار مساحة داخل الأسبوع المدرسي لتشجيع النقاش والحوار والأدوات التي يحتاجونها للتشكيك في الروايات والأفكار الثقافية العدوانية التي تدمر احترام الذات والصحة العقلية.

كما يمكن لوسائل الإعلام أن تنخرط في السعي لتحقيق هذا الهدف من جهتها، فالفتيات الناشئات في 2017 استوعبن بشكل ما أنهن قادرات على أن يتقلدن منصب رئيسة الوزراء، لكنهن يتعلمن أيضاً من خلال هذه الوسائل أن عليهن القلق أكثر حول مظهرهن وشكل سيقانهن تحت التنورة.


OLIVER MUNDAY; KAMPUS

‎ناتاشا ديفون

ترجمة وفاء

المصدر

أضف تعليق